اخر الاخبار

السبت، 29 يونيو 2019

صلاح المختار ترامب، خامنئي، الجدري والايدز


ترامب، خامنئي، الجدري والايدز

صلاح المختار

مرض الايدز قاتل ولا علاج حاسم له حتى الان لانه يختلف عن بقية الامراض بانه لايكتفي بدخول الجسم، كما تفعل بقية الفايروسات والميكروبات ،بل انه مختص بتصميمه بالتغلغل في جينات الانسان والاختباء فيها طويلا وتفريخ نسخ منه بالالاف والانتقال لجينات اخرى وهو ما يؤدي الى احداث تغييرات جينية خطيرة وتعطيل جهاز المناعة لدى الانسان فيصيح ابسط مرض قاتلا له وحتى الان لم يخترع علاج ينهيه ، وذهب ضحية لهذا المرض اكثر من 40 مليون انسان،اما الجدري فانه مرض لاتدخل جراثيمه جينات الانسان ويمكن الشفاء منه بالعلاج. الايدز بهذا المعنى هو الموت الزؤام بينما الجدري هو المعاناة المؤقتة.
ما الصلة بين الجدري وامريكا واسرائيل الغربية ،والصلة بين الايدز واسرائيل الشرقية؟الصلة واضحة وكما نراها في واقعنا :فامريكا ومهما تغلغلت في صفوفنا واسرائيل الغربية ومهما صهينت فلسطين ، فانهما الجدري الذي يعجز عن اختراق الجينات التي تقرر طبيعة الاشياء ،بينما اسرائيل الشرقية بتغلغلها في اقطارنا العربية معتمدة على ميليشياتها وجالياتها في الخليج العربي والعراق المبنية على عقائدية طائفية قاعدتها تزييف تاريخ الاسلام ،هي الايدز القاتل والذي اذا دخل الجسد اسرع فورا نحو جيناته وكمن فيها فهو يحكم على الجسد بالموت غدا او بعده . كيف ذلك ؟لنطرح اسئلة وتساؤلات مهمة جدا :
1-هل لامريكا ميليشيات في الاقطار العربية وتنفذ اوامرها بطاعة عمياء ام لا؟ الجواب كلا وقوة امريكا الاساسية هي جيوشها ومخابراتها،اما اسرائيل الشرقية فلها ميليشيات ضخمة العدد والاعداد ،ففي العراق يقدر عددها باكثر من 200 الف شخص عراقي ، وهذا الرقم اكبر من اغلب الجيوش العربية ،وهي تعلن بلا تردد ان ولاءها لاسرائيل الشرقية وانه اذا وقعت الحرب بين العراق واسرائيل الشرقية فانها ستقف مع الاخيرة ضد العراق،وفي سوريا توجد تنظيمات طائفية اسست في عهد حافظ وبشار وظهرت بعد الانتفاضة السورية واصبحت تعد بالالاف،وفي لبنان هناك حزب الله الذي يبلغ تعداده اكثر من 120 الف مقاتل اعدوا اعدادا عقائديا ممتازا واعلن قائده حسن نصرالله بصوته وصورته (ان لبنان سيكون جزء من جمهورية ايران الاسلامية)،وفي اليمن هناك الميليشيا الحوثية التي تقود حربا شرسة ضد اليمن والسعودية والامة العربية كلها بتوجيه ايراني مباشر، وفي دول الخليج العربي توجد خلايا نائمة تقود جاليات ايرانية في كل قطر وهي مستعدة للتمرد المسلح عندما تحين اللحظة المناسبة ،وولاءها الرسمي والفعلي لاسرائيل الشرقية ، وكل هذه التنظيمات عبارة عن جيوش ايرانية،اكبر عدديا من اي قوة امريكية،جاهزة لتنفيذ اوامر علي خامنئي وهنا مكمن الموت الزؤام للعرب ومستقبل اجيالهم وهويتهم الوطنية وانتماءهم القومي.
هل تملك امريكا مثل هذه الميلشات ؟ كلا وهي لاتملك الا الجيوش ونخب التجار الذين تشتريهم امريكا او المتأمركين وهؤلاء انفار او نخب يمكن عزلها فورا بل ستكون موضع احتقار لعدة اجيال واغلبهم صار ولاءه لاسرائيل الشرقية، فايهما اخطر على وجود العراق وسوريا واليمن ولبنان وبقية الاقطار العربية : دولة تمتلك جيوشا عقائدية داخلنا ،ولاءها ليس لوطنها بل لاسرائيل الشرقية، ام احتلال عسكري ومخابراتي امريكي وصهيوني تسنده نخب محدودة وشبه معزولة شعبيا ؟
2-هل (اصدقاء)امريكا اختاورا ذلك ام انهم اجبروا عليه ؟ بنظرة واقعية سنجد ان اغلب ( اصدقاء) وانصار امريكا العرب اجبروا حرصا على مصالحهم الانانية او حياتهم، فمثلا كانت دول الخليج العربي تعتمد على العراق عندما هددها خميني بالغزو المسلح دون طلب تدخل امريكا لحمايتها، وقبلها في الثمانينيات نسق العراق مع السعودية لاسقاط اعتبار القدس عاصمة لاسرائيل الغربية ونجحتا رغم ان امريكا ارادت ذلك، وقبلها قامت السعودية بقطع النفط عن امريكا والغرب اثناء حرب اكتوبر عام 1973 ،فما الذي جرى وجعل دولا عربية تراهن على حماية امريكا لها؟الان وبعد ان شاركت بتدمير العراق اصبحت بلا خيار اخر سوى الاعتماد على امريكا وتنفيذ شروطها،فهي انظمة لم تدخل امريكا الى جيناتها كما يفعل الايدز الايراني مع اتباعها العرب بل تمركزت في مصالحها والمصالح متغيرة ، وهي تحرص على المحافظة على مصالحها باي ثمن ومع اي طرف،اما ميليشيات اسرائيل الشرقية فهي اختارت الولاء لها بلا ضغط او اجبار او اغراء مادي ودافعها الوحيد هو تغليبها للانتماء الطائفي على الولاء للوطن ،فايهما اخطر :الذي خياره اجباري ام الذي اختار الولاء بمحض تأثير قناعاته وبغض النظر عن زيفها او تزييفها؟
3-هل نسيتم العمليات الارهابية لحزب الدعوة قبل واثناء فرض خميني الحرب على العراق حيث دمروا بنايات وقتلوا ابرياء وحاولوا اغتيال كبار المسؤولين وكانوا مستعدين للموت؟وهل تتذكرون من فجر السفارة الامريكية في بيروت؟ اليسوا هم من اطلقت علبهم تسمية (فدائيوا) حزب الدعوة ؟وبالمقابل (اصدقاء) امريكا في العراق عبر عن طبيعتهم الحقيقية حيدر الملا الذي قال بكل صراحة ان كل المشاركين في العملية السياسية بما فيهم انا جاهزون للهرب حالما تتفجر ازمة طاحنة ،فهل بين هؤلاء من هو مستعد للقيام بعملية انتحارية مثل تلك التي قام بها حزب الدعوة وحزب الله او الحوثيين؟ يقينا كلا فهؤلاء اختاروا (الصداقة) مع امريكا بدافع مصلحي خاص ولم يكن لديهم دافع عقائدي كما هو حال ميليشيات اسرائيل الشرقية التي تقاتل الان في العراق وسوريا واليمن وهي مستعدة للقتال في السعودية وغيرها.
4-الايدز الايراني هو التهديد الوجودي الاعظم للعرب والذي لايصل اي تهديد اخر لنصف خطره ، ومن يقول ان التهديد الصهيوني اخطر نقول ان الاخير هو ضرر الجدري وليس موت الايدز ،فحتى الان عجزت الصهيونية عن قهر ارداة شعبنا الفلسطيني وبقي متحصنا بهويته العربية وعجزت فايروسات الايدز الصهيوني (HIV) عن اختراق جيناته وبقي الاحتلال احتلالا غريبا عن الجسد الفلسطيني الذي بقي سليما رغم مرور 70 عاما على الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وهذا ما يجعل تحرير كل فلسطين ومهما طال الزمن ممكنا وواقعيا لسبب واضح وهو وجود شعب محصن بوطنيته وقوميته .
اما على الصعيد العربي فنتساءل : هل اكتمل (التطبيع) مع اسرائيل الغربية في مصر والاردن بعد توقيع اتفاقات ما سمي ب( السلام )؟ تذكروا ان الرئيس الامريكي السابق جيمي كارتر راعي اتفاقيتي كامب ديفيد قال والسادات وبيجن يوقعان الاتفاقيتين (هذا سلام الحكومات وهو خطوة والاهم هو سلام الشعوب فبدونه لن يبقى سلام الحكومات )، فهل تحقق (سلام الشعوب) وهو الشرط الاكثر حسما للسلام؟ كلا لم يتحقق فلقد مرت اكثر من 40 عاما على الاستسلام الرسمي للصهيونية ورغم ان امريكا والغرب معها بكل امكانياتهما المادية والاعلامية والنفسية والاقتصادية كالتجويع ونشر الفساد فان الغرب والصهيونية فشلا في فرض التطبيع على الشعب العربي في مصر والادرن وبقيت ارادته فولاذية تقاوم الاستسلام والذي يغلف باسم التطبيع ، فما معنى ذلك ودلالاته ؟
انه يعني اولا وقبل كل شيء ان التغلغل الصهيوني – الامريكي سكانيا وسياسيا وثقافيا واقتصاديا يعتاش على سطح اجسادنا ويعجز عن الدخول في جيناتنا وتغيير تركيبتها ولذلك فان وجودهما مثل وجود مرض الجدري المؤقت وهو رهن بتغيير معادلات القوى، اما التغلغل الايراني داخلنا فهو ان اكتمل ووصل جيناتنا في العراق وسوريا ولبنان واليمن وزرع فايروس الايدز في بقية الاقطار العربية بانتظار انتشارها فانه غزو ابادي يضع الامة العربية على طريق الزوال الحتمي بعد ان يذوّب الهوية العربية ويحل محلها الهوية الفارسية او تلك الساندة لها عقائديا والتي راينا كيف يزرعها في العراق وسوريا بالملايين ويمنحها الجنسية العراقية والسورية ويوطنها ويجندها في الجيش وقوى الامن ويسلمها الاقتصاد ...الخ.
5-اذا كنا فعلا نعتز بعروبتنا ونريد المحافظة عليها فاننا يجب ان نضع الاصبع على مكان الخطر الاعظم ونحشد كافة القوى لازالته، وهو الايدز الفارسي ،فبأزالته نبقى احياء ونستطيع معالجة اي مرض اخر مثل الجدري الامريكي والاسرائيلي الغربي،اما اذا بقي الايدز الفارسي في جسدنا فلن يكون لنا مستقبل وستشهد قارات العالم ولادة جاليات عربية ملايينية فيها، بعد ان وصل عدد المهجرين من العراق وسوريا ما بين 10 و15 مليون عربي ووطن بدلهم الاجانب ، وعندها سيشهد العالم ولادة اكثر من فلسطين.
6-وبناء عليه فان اي اضعاف للايدز الفارسي مرحب به ولا يهمنا (الطبيب) الذي يقوم بذلك فأذا كان الطب فيه استثناءات من (الحرام ) لحماية حياة افراد فان الضرورة اكبر بكثير لحماية امة من الابادة والزوال، وهذا مافعله خميني ويفعله خامنئي بتعاونهما مع امريكا واسرائيل الغربية ضد العراق والامة العربية، فمائة مرحبا بكل (طبيب) يعاون على اجتثاث الايدز الفارسي، وعشر مراحب بكل طبيب يساعد على محاصرة الايدز الفارسي ، ومرحبا واحدة بكل طبيب يخفف اعراض الايدز الفارسي .
7-للتأكد من ان الاحتلال الامريكي ومهما بلغ تغلغله انما هو جدري يمكن معالجته والتخلص منه بالصبر وبعد النظر والحكمة والتخطيط كما فعلت اوربا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية حينما نفذ مشروع مارشال الذي اعاد بناءها والان اوربا واليابان ودول اسيوية مستقلة عن امريكا تعارض الكثير من سياساتها،مثلا الموقف الاوربي الحالي من الازمة مع اسرائيل الشرقية المختلف مع الموقف الامريكي، واليابان والنمور الاسيوية تزداد بعدا عن امريكا واقترابا من الصين والاتحاد الاوربي وروسيا ، فالجدري الامريكي ترك اثاره فيها ولكنها لاتعيق التفكير الحر ولا القرار الوطني. وعندما نخير بين الجدري المؤقت والموت بالايدز فمن المؤكد ان الانسان في لحظة ادراك ان الحياة يجب ان تستمر سيختار الجدري الذي سؤدي الشفاء منه الى الاستغناء عن الطبيب المعالج بينما الايدز لاعلاج حاسم له فيبقى المريض تحت رعاية الطبيب . وهذا يعني بوضوح ان القضاء على الايدز الفارسي هو المهمة الرئيسة الان وعلينا كعرب ان نتحمل المسؤولية الاولى باعادة بناء قدراتنا والنضال بكافة السبل لتحرير امتنا من الغزو الفارسي مع ترحيبنا بالدعم خارجي.
8-هل امريكا مع التغييرات السكانية في العراق وسوريا واليمن وبقية الاقطار العربية؟ بالتأكيد نعم فامريكا تبنت ستراتيجية تقسيم الاقطار العربية الرئيسة وفي مقدمتها العراق ومصر وسوريا،على ان يبدا ذلك بالفدرالية وفرض نظام المحاصصات الطائفية والعرقية وينتهي بنظام كونفدرالي انتقالي يقود حتما لنشوء كيانات قزمة ومقزمة على انقاض الاقطار العربية هوياتها عرقية وطائفية، وهذه الحقيقة تفسر لنا لم دعمت امريكا عمليات اسرائيل الشرقية تهجير ملايين للعرب من العراق وسوريا وتوطين ملايين الاجانب في العراق وسوريا، وتفسر لم تصر امريكا والغرب عموما على منع انهاء الحرب في اليمن وليبيا ، وتكشف سبب اصرار امريكا على انشاء قوة كردية عسكرية مسلحة في سوريا وحمايتها، ولم دعمت انفصال جنوب السودان وغذت هي وفرنسا النزعات العنصرية في المغرب العربي.
كل الحقائق المؤشرات تؤكد بان لامريكا مصلحة جوهرية في تقسيم الاقطار العربية،وهذا هو هدف اسرائيل الغربية الاعظم.والاهم من كل ما تقدم هو انه علينا كعرب تجنب اي وهم يزرع لتضليلنا بوعود امريكا ،فهي حتى وان صدقت ستحقق اهدافها وليس اهدافنا ،وعليه فان الحكمة مثلما تقتضي الترحيب باي بأي خطوة لتحجيم اسرائيل الشرقية،ان كانت امريكا جادة فعلا ،فأنها هي الحكمة ذاتها تفرض علينا الاستعداد لمعارك تحرير مع امريكا بالذات بعد زوال الخطر الفارسي واعادة بناء قوانا ،وهي معارك تختلط فيها وحسب الظروف المقاومة المسلحة مع المقاومة السلمية، فالاستقلال واحد ولا يتجزأ ولايوجد استعمار طيب واخر شرير،ومن لايحافظ على ماضيه لن يكون كافيا لتسويق حاضره عندما ينحني.
Almukhtar44@gmail.com
28-6-2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق