اخر الاخبار

الجمعة، 12 أبريل 2019

صلاح المختار انا قوي اؤثر، انا ضعيف اندثر



بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

انا قوي اؤثر، انا ضعيف اندثر

صلاح المختار


ثمة شبه اجماع لدى كل من اطلع على خطاب الرفيق القائد عزة ابراهيم في يوم 7-4-2019 بانه اهم واعمق واوضح خطاب له منذ الغزو وحتى الان، وكنت وانا استمع للخطاب اشعر بتعمق ثقتي بمسيرة حزبنا وبقدرته الفائقة على ازالة كل ما هو طارئ من الاحداث الى الاشخاص،ليبقى البعث نقيا كما ولدته امته العربية، فالخطاب تذكير مبدع باصول البعث وهويته وستراتيجيته القومية وحكمته التكتيكية، فهو يوفق بين المرونة العالية امام الاحداث كي لاننكسر وبين التمسك الصلب بثوابت الامة والبعث كي لا نلوى. وبسبب هذه الاهمية الفريدة للخطاب يتطلب الامر منا جميعا ان نحدد مفرداته الاساسية ونحللها بهدوء وعلى امتداد الزمن المطلوب وليس سلق ما ورد فيه بمقال عاجل فالزمن معنا مهما ادلهمت الخطوب.

وسأبدأ بتناول اهم تأكيد ستراتيجي ورد فيه واسقط مراهنات الضعفاء والطارئين على النضال الوطني والعربي وهو الموقف الامريكي من اسرائيل الشرقية حيث تسابقت الاقلام في التبشير ب(قرب حصول الحرب الضروس بينها وبين امريكا وان امريكا مصممة على اقتلاع نظام خامنئي وتنصيب نظام علماني مسالم وان ترامب جاء لهذا الغرض تحديدا)! فضلل كثيرون واقتنعوا بان ضرب اسرائيل الشرقية واقتلاعها من العراق صادر قريبا جدا وحتميا! لهذا فان القائد اسقط كل مراهنة على التنازلات المهينة عن الثوابت الوطنية والقومية العربية من اجل الفرج عندما قال بوضوح:

(فلا حل لمشكلة العراق من خارج العراق اطلاقاً، وانما الحل الممكن هو بيد شعب العراق وقواه المجاهدة وفي طليعتهم حزب البعث، واعلموا ان التحالف الاستراتيجي بين امريكا وايران واسرائيل لا زال قائماً ولا زالت الى اليوم ايران هي متفضلة على اسرائيل وامريكا ومن أهم انجازات وخدمات ايران لاسرائيل وامريكا، إن أيران هي التي دفعت النظام العربي برمته للارتماء بحضن امريكا واسرائيل،لقد اصبح اليوم تحالف النظام العربي مع اسرائيل علني وأصبح الاستسلام المطلق لامريكا واسرائيل علني بل اصبح هناك سباق بين الانظمة العربية وتفاخر في تحالفهم مع اسرائيل وامريكا واستسلامهم للارادة الامريكية بدون قيد ولا شرط، فكيف يتوقع البعض ان امريكا ستضرب ايران او ستضربها اسرائيل؟!!! الا أذا ضربت ايران امريكا او ضربت اسرائيل وهذا الامر يستحيل ان تفعله ايران لأنها هي أصغر وأحقر من ذلك.)

ما الذي يترتب على ذلك؟

1- لاحظوا هنا ان الرفيق القائد عزة ابراهيم يعيد التأكيد على ان الصلة بين امريكا واسرائيل الشرقية على انها صلة تحالف ستراتيجي وليست صلة تكتيكية او صراع عدائي لابد من حسمه بالقوة.

2- ان اسرائيل الشرقية صاحبة فضل على امريكا واسرائيل الغربية لانها من انفرد بامتلاك القدرة على اشعال الفتن الطائفية وهي من اهم اهداف امريكا واسرائيل الغربية.

3- العدوانات الايرانية والتوغل الايراني في الاقطار العربية خصوصا الخليجية ماكان له ان يتم لو ان امريكا اتخذت موقفا صلبا ضده، وهذا ينطبق على لبنان فما كان لحزب الله وهو الاداة الايرانية الاخطر ان ينمو ويتمدد ويسيطر على الدولة لولا الموافقة الامريكية المسبقة، والسبب انه احتياطي ستراتيجي لكل من امريكا واسرائيل الغربية، ولعل اوضح دليل هو دوره منذ الانتفاضة السورية المجهضة حيث استخدم كل ما حصل عليه من سلاح ومال وتدريب واجهزة لاتملكها حتى الدولة اللبنانية لتغيير موازين القوى لصالح نظام بشار وسفك الدماء السورية واللبنانية بسلاح المقاومة! مثلما قام باخضاع كافة القوى السياسية اللبنانية، وهكذا بدل لبنان الذيصار في السبعينيات المركز الرئيس لعمليات المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية ضد اسرائيل الغربية اصبح لبنان حاجزا يمنع المقاومة ضد شمال فلسطين المحتلة ومركزا لنظام طائفي احادي ديكتاتوري بدل نظام طائفي متعدد الاطراف، فاندثرت المقاومة واصبح جنوب لبنان منطقة سلام وامن لاسرائيل الغربية بدليل ان طلقة واحدة لم تطلق عليها منذ عام 2006 وهو ما اشار اليه الشيخ صبحي الطفيلي اول امين عام لحزب الله الذي اعترف بان حزب الله اصبح يحمي اسرائيل الغربية. ناهيك عن ان اسرائيل الشرقية امتلكت كل اسلحتها بما في ذلك قدراتها النووية بفضل الموافقة الامريكية غير الرسمية والا فقد كان بامكان امريكا ان تخرب كافة مشاريعها كما فعلت مع العراق في العهد الوطني.

4- امريكا ومخابراتها واكثر من اي طرف اخر هي التي احبطت الانتفاضات الايرانية في السنوات الاخيرة ضد النظام بما في ذلك انتفاضة الاصلاحيين من داخل النظام وكانوا اقوياء جدا وقادرون على اسقاط نظام الملالي لكن المخابرات الامريكية لم تقدم الدعم المطلوب لهم ولكل من رفض النظام بما في ذلك مجاهدي خلق الحالمة بان امريكا سوف تساعدها في الوصول للحكم وهو حلم من نام ظهرا وظهره مكشوف.
5- امريكا واكثرمن غيرها هي التي منعت ومازالت تمنع استخدام رافعة القوميات المضطهدة في اسرائيل الشرقية واعتبرت (وحدة ايران الحالية خط احمر لايمكن تجاوزه)، ومازالنا احياء وشهود على الموقف الامريكي حينما دخل العراق المحمرة ومناطق العرب والاكراد في اسرائيل الشرقية اثناء الحرب التي فرضها نظام الملالي على العراق فاتخذت امريكا واوربا موقفا حازما وعلنيا بان (اقتطاع اي جزء من ايران ممنوع). وهذا الموقف قدم اهم عوامل استمرارية اسرائيل الشرقية في عهدي الشاه والملالي، وبمقارنة هذا الموقف بموقف امريكا واوربا من العراق ودعمهم لاي طرف يناهض السلطة الوطنية العراقية وحمايته ومنع النظام الوطني من اخضاعه لسلطته الوطنية نرى ان امريكا واوربا تحمي نظام الملالي عمليا.

6- وامريكا وليس غيرها هي التي جعلت العقوبات على اسرائيل الشرقية شكلية، فهل توجد عقوبات بينما يستثنى العراق ودول اخرى وترفض تركيا التقيد بها رغم انه يكفي عدم تقيد العراق وتركيا لانهاء اهم اثار الحصار؟! قارنوها بالحصار الشامل على العراق سترون بوضوح بان من منع حتى الدواء والاقلام عن العراق هو نفسه الذي جعل حصاره لاسرائيل الشرقية شكليا فائدته محدودة وهو موقف يؤكد ان وظيفة العقوبات هي تبييض وجه نظام الملالي ومده بالحياة بعد وصل قبح وجهه حدا اخذ يرعب اكثر من تعاطفوا معه وهذه الظاهرة مخيفة لامريكا واسرائيل الغربية اكثر مما تخيف خامنئي لانه يهدد بانهاء الدور الايراني داخل الاقطار العربية وهو دور المشرذم لصفوف الناس بالطائفية والافكار العنصرية.

7- وامريكا وليس غيرها هي من سلمت الحكم والمال والتسلط لنغول اسرائيل الشرقية في العراق وابعدت عمدا وتخطيطا رجالاتها المخلصبين لها وفي مقدمتهم السيد اياد علاوي الذي خدعته سذاجته المفرطة بتصوره ان امريكا ستقدم له العراق على طبق من ذهب جاهلا ان المخطط الامريكي يتجاوز تغيير النظام الى تغيير هوية العراق جذريا وهي مهمة لا تنجح فيها الا اسرائيل الشرقية ونغولها.

8- وامريكا وليس غيرها من سخر مخبريه ومجنديه العرب نظما وكتابا وسياسيين وعسكريين..الخ لخدمة المخطط الايراني الاستعماري لان امريكا تعرف بالتفاصيل ان خير من يفكك العراق والاقطار العربية هو اسرائيل الشرقية لهذا رأينا كل من جندته امريكا في العقود السابقة يتسابق مع غيره لدعم الدور الايراني وتجميله.

9- امريكا وليس غيرها هي من صعّدت الصراع بين انظمة عربية واسرائيل الشرقية واوصلته لحد توقع ان حربا ستقع غدا وهو ما جعل اغلب حكام الخليج العربي في حالة شبه غياب الوعي (امام خطر ايران المميت) فسلموا تريليوناتهم لامريكا سواء بعقود سلاح لافائدة منها او بدعم مشاريع امريكية معادية للعرب وللانسانية ناهيك عن اجبارهم على التطبيع مع اسرائيل الغربية،وكل ذلك وكما اكد الرفيق عزة ابراهيم ادى الى انبطاح النظم العربية بصورة غير مسبوقة امام اسرائيل الغربية. اذا: البعبع الايراني وليس غيره هو من اجبر الحكام على التطبيع وهذا البعبع من صنع امريكا واسرائيل الغربية واعلامهما ومن يتبعهما.

10- امريكا وليس غيرها من لم تتقيد بوعودها بتوجيه (ضربات قاضية لايران) فقد وعد كثيرون في العام الماضي بأن ترامب سوف يضرب نظام الملالي في بداية عام 2019 وسوف يتم الاحتفال بالنوروز في طهران وان مجاهدي خلق سوف تحتفل بهذا العيد في طهران وكل ذلك لم يتحقق رغم مرور النوروز، كل تلك لوعود كانت مصائد مغفلين تبخرت وثبت انها كانت لتوريط السذج والخدج واللاهفين وراء راحة على حساب الشرف والمبادي والثوابت الوطنية والقومية. نظام الملالي يزداد قوة ورسوخا وامريكا تتراجع او تفرغ كل عقوبة من قوتها بينما اوربا ترفض العقوبات وتواصل المتاجرة مع نظام الملالي ومرة اخرى تذكروا كيف كانت امريكا تأمر اوربا فتنفذ في النهاية عندما تعلق الامر بمحاصرة العراق.

ويجب ان نذكر بما يلي لاهميته الفائقة:

1- ان امريكا تتبع ستراتيجية ثابتة تجاه اسرائيليتين الغربية والشرقية لانهما المطرقة والسندان الذي وضع الوطن العربي بينهما وهو مانراه الان بكامل اثاره الكارثية، وهذه الستراتيجية لايستطيع الرئيس الامريكي تغييرها لانه مجرد مدير تنفيذي وليس قائد دولة،والسلطة موزعة بطريقة تجعل الرئيس مقيدا لهذا وحتى لو كان ترامب صادقا في رغبته بضرب او اضعاف اسرائيل الشرقية فان من وضع خطة اسقاط الشاه وتنصيب الملالي حكاما لن يسمح له بذلك ولهذا رأينا ترامب يتراجع مرارا عن تصريحاته.

2- واسرائيل الشرقية ايضا لها ستراتيجية اقدم من ستراتجية امريكا وقد وضعت بعد الفتح الاسلامي لها مباشرة وعمادها (تدمير ملك العرب) انتقاما من العرب الذين اسقطوا الامبراطورية الفارسية فاخذت النخب القومية خلال 1400 عام تنفذ خططا محورها شرذمة العرب. فلا يتوقع احد ان خامنئي او غيره سيغير ستراتيجية النخب القومية الفارسية والتي تنفذها عناصر علمانية ودينية لانها قسم مشترك بينها.

3- ما بدأته امريكا في العراق عند الغزو لم يكن هدفه خطوة منفردة هي اسقاط النظام الوطني بل جزء من ستراتيجية شاملة ولذلك ولاكمال بقية الاهداف تركت اسرائيل الشرقية ونغولها يعيثون في العراق فسادا ويدمرون القيم العليا بالتجويع المنظم للناس وصولا للهدف المركزي في هذه الستراتيجية وهو تغيير هوية العراق وسوريا ولبنان اولا وتعويم بقية الاقطار العربية بانتظار انهاء عروبة العراق ثم يشمل نفس المخطط بقية الاقطار العربية المعوّمة الان فوق صفيح ساخن يزداد حماوة كل يوم. امريكا تنفذ خطوات متعاقبة ومتكاملة لانهاء عروبة العراق وسوريا ولبنان اولا وهو هدف لايمكن التراجع عنه الا اذا اجبرت على ذلك.

4- امريكا -مثل اسرائيل الشرقية- لاتتنازل ولا تتفاهم الا مع القوي المستعد للصراع الدامي معها. التجارب التاريخية تثبت ان المفتقر لوسائل التأثير لايؤخذ بجدية فيهمل او يدجن تدريجيا، واهم وسائل التأثير المطلوبة لانقاذ العراق اعادة بناء حواضن المقاومة واعادة تأهيل الطليعة كي تستطيع استخدام خيار المقاومة كقوة اساسية في صراعنا المصيري، فالحل السلمي لن يحصل الا بين الاقوياء ولا مكان في التفاوض لمن يتخلى عن سلاح المقاومة ولدينا مثال فلسطين واضح جدا فبعد اوسلو فقدت فلسطين قدرتها على التأثير الفعال.الخيارات المتعددة من اهم شروط النصر وهذا ما زخر به خطاب الرفيق عزة ابراهيم.

Almukhtar44@gmail.com

10-4-2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق