اخر الاخبار

السبت، 27 أبريل 2019

صلاح المختار نقد نظرية ترييف المدينة 4


نقد نظرية ترييف المدينة 4 

صلاح المختار

 3-من السهل ملاحظة ان اكبر داحض لنظرية ترييف المدينة هو الاجابة على الاسئلة التالية المترابطة : هل ما فعله الغرب وعلى رأسه امريكا من اعمال لا انسانية تتسم بالغدر واللصوصية والابادات الجماعية للشعوب الاخرى وما قام به قبل ذلك من اشعال حربين عالميتين بين لصوص العالم كانتا تهدفان للنهب والسيطرة على اسواق العالم ودوله هو ثمرة نزعة بدوية او ريفية؟ قادة ونخب حواضر الغرب المدينية هم الذين دشنوا عهد استعمار ونهب وغزو ولصوصية واحتقار لكل القيم الانسانية والاخلاقية والقانونية ،ثم توجوه بعصر الامبريالية الامريكية المدعومة من اوربا وهو العصر الاشد ظلامية وظلما وانتهاكا لانسانية الانسان في التاريخ البشري،هل قادة الغرب هؤلاء من ابناء الريف المتخلف او من ابناء المدن الحضرية ؟


 العصر الحديث تميز بسمتين احداهما تنقض الاخرى:السمة الاولى انه العصر الذي تحققت فيه اعظم الانجازات التقدمية في التاريخ في مجال العلوم والتكنولوجيا وهذا هو الوجه المشرق للغرب، اما السمة الثانية فهي انه بنفس الوقت العصر الاكثر وحشية وظلامية وغيابا للقيم الانسانية قبل غياب القيم الاخلاقية نتيجة امساك نخب غربية بورجوازية بمقود عالم متقدم ولكنها نخب تحقّر الانسان وتتعمد استغلاله واستعباده واذلاله، فرغم الغطاء الليبرالي والتقدم العلمي -التكنولوجي فان الغرب مارس حروب النهب العلني للعالم الثالث وتقاتل فيما بينه في اكثر حروب البشرية دموية وخسائر بشرية ومادية وهما الحربين العالميتين الاولى والثانية توجت الثانية منهما باستخدام السلاح النووي دون الحاجة له، والغرب هو الذي اشعل الحروب وليس العكس وتسبب في كوارث العالم الثالث الذي نهبت ثرواته ودمرت بلدانه عمدا وتخطيطا وهجر عشرات الملايين كعبيد الى امريكا الشمالية والجنوبية! ووصلت نزعة استعباد الانسان حد العمل على السيطرة عليه من داخله بالتحكم السايكولوجي والجيني به وتحديد خياراته في الاكل واللبس وما يجب ان يحب ويكره ووضع تحت رقابة شاملة،فحول الانسان الى مخلوق مجرد من الارادة والتفكير الحر . الحقيقة التاريخية المعاشة تؤكد بربطها بما حصل في العالم عبر التاريخ بان اصل النهب والعدوان والانانية المتطرفة محرك مندس في الطبع البشري الذي توقظه وتنميه وتغذيه تربية سيئة تفتقر للحد الادنى من مقومات الحياة المادية فيسود الفقر والامية وتتشوه التربية الاخلاقية فتنشأ كتل بشرية تغلبت في داخلها نوازع العدوان والنهب والسيطرة على الاخرين خارج اي حدود اخلاقية وقانونية، ويتجلى ذلك في السلوك الفردي المنحرف وصولا لقادة دول مجرمون كبوش الصغير ونتنياهو مرورا بالمافيات القوية، فالانسان مخلوق يحمل في داخله امكانيات الشر مثلما يحمل امكانيات الخير وما يغلب احد هذين الطبعين هو الظروف المادية والتربية الاجتماعية والعائلية . وبناء على هذه الحقيقة نرى بان اعمال هوامش البدو واهل الريف السلبية ليست سوى تعبير عن طبع انساني غلبته قهريا بيئة قاسية فقيرة في الصحراء بالاصل واجبرت الانسان على البحث مضطرا عن موارد العيش والا مات جوعا او عطشا فكان النهب شكلا من اشكال السعي للبقاء الانساني في عالم قاس لايرحم . ولكن مشكلة البشرية الاخطر في كل تاريخها هي ان الطبيعة الشريرة في الانسان تغلبت على الطبيعة الخيرة في اوربا خصوصا في النخب المسيطرة ماليا اولا ثم في امريكا بطريقة انتجت عصورا من الظلم والابادة والنهب والقسوة والتحكم في الانسان غير مسبوقة ولا يوجد نظير لها في كافة مراحل التاريخ بما في ذلك في مراحل الوحشية والتخلف الانساني، فالغرب الاوربي مارس الابادات الجماعية لسكان افريقيا واسيا وامريكا اللاتينية بتعمد وتلذذ فنشأت دول من النهابين الاوربيين في جنوب افريقيا واستراليا وفلسطين اضافة للناهب الاكبر المستعمر الابيض الذي سرق قارة امريكا الشمالية كلها واباد 112 مليون هندي احمر من اجل ذلك ،ثم اخذ الغربي الابيض ينهب الثروات من المستعمرات التي بنيت بها اوربا، ويكفي ان نذكر هنا بان ما سرقته بريطانيا من الهند فقط اثناء استعمارها لها يفوق كل ما كان في خزائن اوربا من ثروات كما اكد كارل ماركس في كتابه ( في الاستعمار) ،فالفقر في الهند وغيرها والثراء الحالي لبريطانيا واوربا اصله عمليات نهب ثروات القارات الثلاث فبه تعززت الراسمالية تقدمت وحققت اعظم تقدم علمي وتكنولوجي ! 4-نتحدي كل غربي او مؤيد للغرب ان يقدم لنا مثالا واحدا من التاريخ يفوق في وحشيته وما حصل به من نهب يفوق ما قامت به امريكا وحدها، ناهيك عن دول الاستعمار الاوربي كبريطانيا وفرنسا واسبانيا والبرتغال وبلجيكا وغيرها، فسلاح الابادة الجماعية النووية وغيرها من صنع غربي، وتحويل الانسان الى سلعة تباع وتشترى في زمن عبودية رهيب غطاءه ليبرالية شكلية وتمثل في مأسسة العهر ( الرقيق الابيض) والتحكم في الانسان حتى جينيا ونفسيا من صنع غربي ، ولن يستطيع احد مهما اوتي من المنطق والثقافة ان يقنع اميا عراقيا وسوريا وليبيا ويمنيا بان كوارث الامة العربية الحالية ليست من صنع غربي صهيوني، ولا ان ينفي الاستخدام المكثف والمنظم لليورانيوم المنضب وغير المنضب في الحروب العدوانية الامريكية ضد العراق ويوغسلافيا وسوريا واليمن وليبيا والتي خلفت نتائج كارثية مثل التشوهات الجينات الوراثية.ودمر الاستخدام المكثف لوسائل الحرب الحديثة البيئة في العراق والكويت وسوريا والجزيرة العربية وتحركت الطبقات الارضية لاول مرة منذ ملايين السنين بسبب ثقل الاليات التي سيرت عليها فتغير مجرى المياه الجوفية الملوثة وتغيرت بعض معالم الحياة الان وسوف يستمر التغيير الكارثي للبيئة بصورة اشد خطورة لاحقا . فهل هذه الامثلة،على لصوصية الغرب ووحشيته وهي مجرد نماذج من جرائم هزت العالم كله ومازالت وتسببت باكبر الهجرات في التاريخ البشري هربا من الموت والتجويع المنظم لمليارات البشر، الا دليل حاسم على ان الغرب هو اكبر ناهب واخطر سفاك للدماء والاشد انتهاكا لحرمة الانسان في التاريخ ؟ ايهما افضل وانزه واكثر انسانية ورحمة البدوي المضطر للنهب والقتل ام المديني الشبعان حد التخمة والمالك لثروات اصلها النهب تكفي لشعوب كاملة ومع ذلك يغزو ويقتل الملايين ويضطهد ويستعبد ملايين اخرى،كما فعلت اوربا الاستعمارية وامريكا الامبريالية ؟ الجواب الواضح هو ان اعمال هوامش البدو السلبية تبدو بسيطة وعادية ومحدودة الضرر جدا مقارنة باعمال الغرب المتحضر والمديني . 5- شارون لايختلف عن بيجن ولا عن بوش الصغير ولا عن الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي تبادل القبل مع القذافي لكنه قتله بعد ان اخذ ملايينه لدعم حملته الانتخابية، ولا يختلف عن كاليغولا او نيرون وليس بينه وبين اباطرة روما الذين كانوا يتسلون برمي العبيد وهم اسرى الحروب في ساحات يتقاتلون فيها مع الاسود والنمور والجمهور يصفق فرحا برؤية حيوان يفترس البشر،كل هؤلاء مارسوا براغماتية مفتوحة لاتقيدها اخلاق ولا قانون ولا انسانية ومحركها الطاغي هو تطلعات الانا الفردية وهي تجر جرا لانواع اخرى من الانحراف في مقدمتها الخيانات بكافة اشكالها ، فما ان تبدأ عجلة الانا بالدوران حتى تسحق تدريجيا كل قيمة عليا وتجرد الاخلاق من مضمونها والدين من جوهره وتحول الى ادوات تضليل لمواصلة تنفيذ اوامر الانا . فمن هو المتوحش والمتخلف انسانيا :هوامش البدو الذين اجبرتهم الطبيعة على النهب كوسيلة للعيش وهي وسيلة محدودة في نهبها وضررها ام الغربي المتقدم والواعي والمالك لثروات هائلة فلا يكون هناك حافز وجودي يجبره على النهب والابادة الجماعية ؟ هل البداوه والريفية كلها سلبيات ام ان لها ايجابيات تطغى على سلبياتها ؟ هل البداوه تحكمها قيم مستنسخه من بعضها ام ان تكوينها يختلف من مكان الى اخر ومن زمن لاخر ؟ يتبع. 


Almukhtar44@gmail.com 

25-4-2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق