اخر الاخبار

الاثنين، 6 نوفمبر 2017

صلاح المختار والان كيف تنظرون لغزو كركوك ؟


 صلاح المختار
 
 التفاصيل مكمن للشيطان لكنها خاضعة لمملكة الرحمن تعمدت الانتظار لحين ظهور نتائج غزو اسرائيل الشرقية لكركوك لان المسائل متداخلة بطريقة مربكة للكثيرين ومن الصعب رؤيتهم الصحيح وتمييزه عن الخاطئ في لحظتها ، ولكن وبعد ان تكشفت الامور وصارت كلها واضحة وبلا لبس حان وقت وضع النقاط على الحروف .ان اهم ما اثير ومازال يثار هو علاقة اكراد عراقيين باسرائيل الغربية ونغولها العالميين مثل الصهيوني الوقح هنري برنارد ليفي ،اما القضية الثانية فهي انفصال منطقة الحكم الذاتي وتأثيرها على العراق ، لنناقش الامر بعقلية متفحصة فالتفاصيل التي يكمن فيها الشيطان ، كما يقول المثل الغربي ، خاضعة في النهاية لمملكة الرحمن ، كما نؤمن نحن . ليس ثمة شك في ان اطراف الحركة الكردية اقاموا صلات مع اسرائيل الغربية في وقت مبكر لسبب واضح وهو ان الحركة الصهيونية وقبل انشاء اسرائيل الغربية اتخذت قرارا بالتعاون مع كل الاقليات الدينية والقومية في الوطن العربي لتحريضها على التمرد والانفصال عن الاقطار العربية في مسعى معروف لاضعاف الاقطار العربية ،وكانت الحركة الكردية المسلحة احدى الكتل البشرية الي استهدفتها الحركة الصهيونية واقامت معها علاقات تعاون ودعم من اجل تقسيم العراق واضعافه لانه يشكل الخطر الاكبر على الصهيونية وكيانها ومن ثم فان تقسيم العراق يحتل المركز الاول في خططها وممارساتها الميدانية ، ولكن هذه القضية يجب ان ينظر اليها نظرة شمولية وتفصيلية : 1-ليست الحركة الكردية وحدها من اقام صلات باسرائيل الغربية بل ثمة انظمة عربية قامت بذلك ايضا بعد زيارة السادات المشؤومة للقدس واعترافه باسرائيل الغربية ، فهناك انظمة عربية عديدة لديها علاقات مع اسرائيل الغربية سواء رسمية او عملية ، ولنتذكر بان النظام الوطني اعاد العلاقات مع مصر ولم يقطع علاقاته مع الاردن بعد اعترافة باسرائيل الغربية . ب-ان اكثر من يعترض على صلات الحركة الكردية باسرائيل الغربية هو اسرائيل الشرقية ونغولها العرب ، وهذا الاعتراض هدفه تسهيل عزل اعداءها في الوسط العربي المناهض للصهيونية وكيانها ، ولكن هل حقا انها ضد اسرائيل الغربية ام انها توأمها الفعلي وكما يظهر في الواقع ؟ تؤكد الاحداث كافة ومنذ تنصيب الغرب والصيهونية لخميني ونظامه بان اسرائيل الشرقية هي توأم اسرائيل الغربية قدر تعلق الامر بتدمير وتقسيم وتقاسم الاقطار العربية ، فنظام خميني حظي بدعم اسرائيل الغربية العسكري والمخابراتي اثناء الحرب التي شنها خميني على العراق لاجل احتلاله وكانت ايرانجيت خير مثال . ورغم كل الحملات الاعلامية المتبادلة بين الاسرائيليتين الا انهما لم تخوضا حربا واحدة ابدا بينما العرب هم الهدف المباشر لاسرائيل الغربية وغزواتها وحروبها التدميرية خصوصا العراق الذي احتل نتيجة تلاقي اهداف الغرب الاستعماري مع الصهيونية واسرائيل الشرقية . كما ان امريكا وقفت مع نظام الملالي ليس في ايرانجيت فقط بل ايضا في كافة مراحل الحرب واعقبتها بتعاونهما في غزو العراق وتثبيت اركان الغزو بواسطة نغول اسرائيل الشرقية الذين صاروا حكاما وميليشيات وقوى امن تحمي الاحتلال وتديمه ! ثم سلمت امريكا العراق لاسرائيل الشرقية عندما سحبت قواتها تكتيكيا نتيجة عجزها عن تحمل عمليات المقاومة العراقية. فاسرائيل الشرقية اخر من يحق له الاعتراض على وجود علاقات مع امريكا او اسرائيل الغربية مادامت تحظى بدعمهما الفعلي والمستمر حتى هذه اللحظة . ولربما يكون من المناسب ذكر ان اكبر خدمة قدمت لاسرائيل الشرقية من توأمها الصهيوني هي الوعود العلنية بدعم انفصال منطقة الحكم الذاتي الكردية في العراق لكنها عندما حصل الاستفتاء تخلت عن الاكراد بطريقة تؤكد انها كانت تريد فقط اشعال الفتن بين العرب والاكراد . والذي استفاد من التحريض على الانفصال هو اسرائيل الشرقية التي سارعت لاحتلال كركوك تحت غطاء (منع تقسيم العراق ودخول اسرائيل الغربية اليه ) ! ج-عندما تتعامل مع ازمة سياسية خانقة فانت لست حرا في اختيار مع من تفاوض وتتحدث لان الصراع يفرض مفاوضك ومحاورك بل ان بعض الحالات تفرض تحالفات مؤقتة مفروضة رغم انها مكروهة ، وهذه هي طبيعة الحروب الاقليمية والدولية ومن درس تاريخها يعرف هذه الحقيقة . ورغم اننا لانقبل بهذه القاعدة على اطلاقها وانما نتعامل معها بحذر الا ان غيرنا يرى فيها حبل انقاذ له خصوصا حينما يعز الدعم له فيتجه للتعاون مع اي طرف يقدم الدعم . وهذه قضية لاشك فيها وامامنا علاقتنا قبل غزو العراق بمصر بعد اعتراف السادات بها وتطبيع علاقاتنا معها رغم اعترافها باسرائيل الغربية وكذلك استمرار علاقتنا بالاردن رغم اعترافه باسرائيل الغربية . ان قطع العلاقات بسبب رفض لبعض سياسات الانظمة موقف يفتقر لبعد النظر وهذا ماجعل قيادة النظام الوطني تقيم علاقات اتحاد ( مجلس التعاون العربي ) مع مصر والاردن رغم علاقة الاولى الرسمية باسرائيل الغربية وعلاقة الثاني الفعلية بها وقتها . والمنطلق كان هو التالي : وقعت الواقعة ومصر والاردن جزء من وطننا الكبير وليس صحيحا التفريط بهما وانما الصحيح هو ادامة العلاقات معهما لتقليل اضرار صلتهما باسرائيل الغربية وربما حصول تطورات تجعلهما تعيدان النظر ، ولكن في كل الاحوال فان ابقاء الصلة بمصر والاردن رغم علاقتهما تلك هو موقف ضروري جدا لمواصلة الحوارات والتفاهم. د-العلاقات بين الحركة الكردية واسرائيل الغربية لاتختلف من حيث الجوهر عن علاقات مصر والاردن بها ، بل ان مواصلة الحوار والتفاهم مع الحركة الكردية في العراق مهم جدا لنا كعراقيين لان علاقة الاكراد باسرائيل الغربية قامت على البحث عن دعم لمطاليبهم القومية ، ولهذا ورغم معرفة النظام الوطني بصلات الاكراد باسرائيل الغربية تم الاتفاق معهم وصدرت اتفاقية 11اذار عام 1970 والتي اعترفت بالقومية الكردية كقومية ثانية في العراق وثبت ذلك في دستوره ، فهل كان النظام الوطني غافلا عن الصلة الاسرائيلية للزعامة الكردية ؟ طبعا كانت القيادة الوطنية العراقية تعرف بالتفصيل تلك العلاقات واصاب العراق نتيجتها ضرر فادح ولكن مصلحة العراق ووحدته الاقليمية تفرض سعة الصدر والفهم لاجل الوصول الى حلول ترضي العراقيين كافة عربا وكردا فلم تتوقف الحوارات ابدا حتى في ذروة الحرب الداخلية. ه- والان ونحن نواجه خطة تقسيم وتقاسم الاقطار العربية وقد نفذت ووصلت مراحل غاية في الخطورة فان النظرة الستراتيجية هي الحل الوحيد لانها ترى افق التطور اللاحق لكل حدث كبير ،والمطلوب الان حماية العراق وهويته من التمزق والضياع وعندما نحمي الهوية ونمنع محوها نستطيع لاحقا معالجة كافة الجروح والخسائر ولكن عندما تضيع الهوية الوطنية فان الجروح لاتعالج ابدا بل تتحول الى غنغرينا تحتم بتر الاوصال، فاين نقف الان ؟ ليس ثمة شك في ان غزو اسرائيل الشرقية لكركوك ورفع العلم الايراني علنا فيها وانتشار الحشد الشعوبي التابع لاسرائيل الشرقية وتعليق الشعارات الطائفية العدائية والوقحة ثم اعلان الفرح الايراني باكمال مد خط الحياة بين طهران وبيروت عبر جنوب كركوك كنقطة ستراتيجية توفر في ان واحد مصادر مالية لاسرائيل الشرقية تحتاج اليها بشدة وتكمل حلقات خط الحياة ، كل ذلك يؤكد بان الخطر الايراني زاد وتفاقم اكثر من المرحلة السابقة لغزو كركوك.واصبحت مواجهته بروح التضامن العراقي ضرورة حاسمة . حينما اقتنعنا بان العدو الرئيس والاخطر لنا هو اسرائيل الشرقية لم تكن التطورات قد وصلت بعد لغزو وسط العراق وشماله ، لكننا كنا نعرف اهدافها التفصيلية وهي تغيير هوية العراق وتفريسه وازالة عروبته وتدمير القومية الكردية واخضاع كل العراق لحكم فارسي صرف . ولهذا فاننا وحتى لو افترضنا ان المشروع الكردي وفي نطاقة الاعلى قد تحقق لايمكن ان يشكل خطرا وجوديا علينا وعلى العراق والامة العربية مقارنة بخطر المشروع الامبراطوري الايراني ونتائجه العملية ، فمادامت الهوية العراقية التي تربطنا باقية فان حل المشاكل ممكن مهما زادت تعقيدا بيننا وبين الاشقاء العراقيين الاكراد ، بما في ذلك حل مشكلة كركوك وغيرها بالحوارات الطويلة النفس . ويقينا ان الوعي الكردي الجديد بعد احتلال كركوك المجسد في الشعارات التي رفعت وتؤكد على خيانة امريكا واسرائيل الغربية للاكراد ستساعد على تعزيز الاخوة العربية الكردية واعادة بناءها على اسس اقوى وارسخ. و-وربما يكون التذكير بمشكلة جنوب السودان مفيدا حيث ظهر من بين الانفصاليين من يريد العودة للوحدة مع السودان بعد ان اكتشف استحالة الانفصال لاسباب عملية صرفة ومنطقة الحكم الذاتي في العراق اشد حاجة للعراق من حاجة جنوب السودان للسودان فشمال العراق فقير الموارد بينما جنوب السودان غني بالارض الزراعية والنفظ ،كما ان جنوب السودان محاط بدول تتعاطف معه ورغم كل تلك الظروف الداعمة للانفصال فقد فشل وصارت دولة جنوب السودان دولة فاشلة بكل ما تعنيه الكلمة من معان ، بينما شمال العراق معزول كليا من قبل جيران يعادون حتى الحد الادنى من المطاليب الكردية فكيف يمكن ان تستمر دولة مستقلة وهي تفتقر لمقومات الاستمرارية الاساسية ؟ واخيرا وفي ابعد الاحتمالات لو افترضنا الانفصال حاصلا فانه مثل بتر عضو فرعي وليس قطع الرأس بينما لو نجح المشروع الايراني لاسامح الله بازالة الهوية العربية عبر التغييرات السكانية فانه عبارة عن عملية قطع الرأس العراقي ولهذا لا امل في المعالجة او استرجاع العراق . ما حدث في كركوك درس اخر اكد لنا بان الخطر الاعظم الواجب دحره والتخلص منه هو الخطر الايراني وماعداه الان مخاطر يمكن تحملها ثم معالجتها من اجل عراق يجب تضميد جراحه قبل فوات الاوان ، ولاننا نتمسك لحد الاستشهاد بالهوية الوطنية العراقية فاننا نصر على التوحد مع الاخوة الاكراد في دفاعهم عن حقوقهم القومية التي تشرفنا بتلبيتها جوهريا وطبقناها وثبتناها في اتفاقية 11اذار ، ولكن ومقابل موقفنا هذا وعلى النقيض منه رأينا اسرائيل الشرقية تنكر اي حق قومي للكرد وتريد الغاء الحقوق القومية المكتسبة لاكراد العراق بفضل النضال المشترك العربي والكردي كما يحرمون اكراد ايران منها. بالارادة المشتركة لكافة العراقيين سيبقى العراق واحدا بتفاهم اهله عربا وكردا وتركمان مسلمين ومسيحيين شيعة وسنة ويزديين وصابئة ، فالعراق لكل عراقي والعراقي مساو لاي عراقي اخر في كل شيء مادامت عراقيتنا هي هويتنا الجامعة ، وبوحدة العراق الوطنية سنهزم اسرائيل الشرقية وداعميها. 
Almukhtar44@gmail.com
 11-5-2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق